سورة آل عمران - تفسير تيسير التفسير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (آل عمران)


        


الأمد: المدة الطويلة. رؤوف: رحيم أشد الرحمة.
واحذروا يوم تجدُ كل نفس عملها من الخير أو الشر حاضراً أمامها، فُتسَرُّ بالأول وتتمنى للثاني ان يكون بعيداً عنها حتى لا تراه، خوفاً من العقاب. ويحذّركم الله عقابه إذا خرجتم من ولايته باقتراف الذنوب. كل هذا مع انه رؤوف بعباده واسع المغفرة لهم. ومن رأفته بالناس انه جعل الفطرة الانسانية ميالة بطبعها إلى الخير، مبغضة لما يَعْرِض لها من الشر، كما جعل أثر الشر في النفس قابلاً للمحو بالتوبة والعمل الصالح.


ق يا محمد: إن كنتم صادقين في دعواكم أنكم تحبون الله وتريدون ان يحبّكم الله، فاتبعوني فما آمركم به وأنهاكم عنه، لأن كل ذلك من عند الله. إنْ فعلتم ذلك أحبكم الله وأثابكم بالتجاوز عن خطاياكم، وهو كثير الغفران والرحمة لعباده.
لكن حب الله ليس دعوى باللسان ولا هياماً بالوجدان، بل هو اتباعٌ لرسول الله وعملٌ بشريعة اله التي أتى بها نبيه الكريم. ان العمل هو الشاهد والأساس، أما القول وحده فلفظ يصّرفه اللسان كيف شاء، وقد يخدع به الناسَ، لكنه لن يخدع به الله فقد وسع علمُه كل شيء.
قال ابن كثير: هذه الآية الكريمة حاكمة على كل من ادعى محبة الله وليس هو على الطريقة المحمدية. فإنه كاذب في نفس الأمر حتى يتّبع الشرع المحمدي في جميع أقواله وأعماله.
وروى انه لما نزل قوله تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ الله...} قال عبدالله بن أُبيّ، رأس المنافين: إن محمداً يجعل طاعته كطاعة الله تعالى، ويأمرنا ان نحبّه كما أحبَ النصارى عيسى، فنزل قوله تعالى: {قُلْ أَطِيعُواْ الله والرسول} أطيعوا الله باتّباع أوامره واجتناب نواهيه، وأطيعوا الرسول باتباع سنته والاهتداء بهديه.
فان أعرضوا عنك يا محمد ولم يجيبوا دعوتكم فهم كافرون بالله ورسوله، والله تعالى لا يحب الكافرين أمثالهم.


اصفطى: اختار. الذرية: الأولاد. نذرتُ: أوجبت على نفسي. محرراً: مخصَّصا لعبادة الله. أعيذها بك: أجيرها بك. الرجيم: المطرود من الخير. أنبتها نباتا حسنا: رباها تربية صالحة. كفلها زكريا: جعل زكريا كافلا لها. المحراب: الغرفة، والمسجد، واشرف جهة في المسجد. أني لكِ هذا؟: من اين لك هذا.
بعد أن بين الله تعالى ان الدين الحق هو الإسلام، وان اختلاف أهل الكتاب فيه كان بغياً منهم، وان الفلاح منوط باتّباع الرسول الكريم وطاعته ذكر هنا بعضَ من اختارهم وجعل منهم الرسل الذين يبيّنون للناس طريق الله ومحبته. لقد اختار الله هؤلاء وجعلهم صفوة العالمين بجعل النبوة والرسالة فيهم كما اصطفى محمداً لتبليغ رسالته.
فأول هؤلاء الصفوة المختارة آدم أبو البشر، اصطفاه ربه واجتباه. ثم جاء بعده نوح، أبو البشر الثاني. واصطفى ابراهيم وولديه. واختبار آل عمران ومنهم عيسى وأمه. ولقد اختارهم ذريةً طيبة طاهرة، فهم يتوارثون الطُّهر والفضيلة والخير.
اذكر أيها النبي حال امرأة عمران حين ناجت ربها وهي حامل بنذْرِ ما في بطنها لخدمة الله تعالى قائلة: يارب، إني نذرت ما في بطني خالصاً لخدمة بيتك، فاقبل من ذلك إنك أنت السميع لكل قول، العليم بكل حال. فلما وضعت بنتا قالت معتذرة تناجي ربها: إني قد ولدت انثى، (وأنت اعلم بما ولدتُ)، وليس الذكر الذي تمنيت ان أنذره ساناً لبيتك كالأنثى التي وضعتها. ومع هذا فإني غير راجعة عما نويته من النذر. واذا كانت الأنثى غير جديرة بسدانة المعبد فتلكن من العابدات القانتات، إني أجيرها يا ربّ بحفظك ورعايتك من الشيطان الرجيم.
فتقبّل الله مريم نذراً لأمها، وأجاب دعاءها. وجعل زكريا كافلاً لها. فكان كلما دخل زكريا عليها محرابها فوجد عندها ألوانا من الطعام لم تكن توجد تلك الأيام قال لها: يا مريم من أين لك هذا والأيام جدب وقحط؟ قالت: هو من عند الله الذي يرزق الناس جميعا، ويرزق من يشاء من الناس بغير عدد ولا إحصاء. وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
قراءات:
قرأ ابن عامر وأبو بكر عن عاصم ويعقوب: {والله اعلم بما وضعتُ} على انه كلامها.

2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9